نبذة حول الاتفاقية العامة للتجارة في الخدمات
مقدمة:
خضعت قواعد اتفاق الجات 1947 لعدة مراجعات بهدف التحديث لمواجهة التغير في ظروف التجارة الدولية حيث مرت بعدة جولات للمفاوضات كان آخرها جولة أورجواي التي انتهت في عام 1994، ومن أهم إنجازات هذه الجولة إنشاء منظمة التجارة العالمية في 1 يناير 1995، وتعتبر المنظمة هي الجهة الوحيدة المسئولة عن إدارة النظام التجاري متعدد الأطراف والإشراف على تنفيذ الاتفاقيات متعددة الأطراف التي تم التفاوض بشأنها أثناء جولة أورجواي أو تلك التي سيشملها التفاوض مستقبلاً.
وقد تضمنت الوثيقة الختامية لجولة أورجواي عدة اتفاقات تجارية جديدة تنظم التجارة في السلع كما تم اعتماد مجموعة من القواعد التي تنظم التجارة في الخدمات.
وتعد الاتفاقية العامة للتجارة في الخدمات (اتفاق الخدمات) إحدى الاتفاقيات متعددة الأطراف التي انبثقت عن جولة أورجواي للمفاوضات، وقد أرست هذه الاتفاقية الإطار العام للقواعد والالتزامات التي تم الاتفاق عليها دولياً في مجال تنظيم التجارة في الخدمات.
هيكل الاتفاقية:
- يتضمن الاتفاق 6 أجزاء تشكل 29 مادة، ويتعلق الجزء الأول منها بالنطاق والتعريف، والجزء الثاني بالأحكام والمبادئ العامة، ويتعلق الجزء الثالث بالالتزامات المحددة، والجزء الرابع بالتحرير التدريجي، والجزء الخامس بالأحكام المؤسسية، ويتعلق الجزء السادس والأخير بالأحكام الختامية، بالإضافة إلى 8 ملاحق تعتبر جزء لا يتجزأ من الاتفاق.
النطاق والتعريف:
- يطبق الاتفاق بالنسبة للإجراءات التي يتخذها الأعضاء وتؤثر على التجارة في الخدمات، ويقصد بالإجراءات التي يتخذها الأعضاء:
- يشمل الاتفاق كافة قطاعات الخدمات باستثناء الخدمات التي تقدم في إطار ممارسة السلطة الحكومية، ويقصد بالخدمات التي تقدم في إطار ممارسة السلطة الحكومية الخدمات التي يتم توريدها على أساس غير تجاري وبدون منافسة مع واحد أو أكثر من موردي الخدمة.
- تعرف التجارة في الخدمات بأنها توريد الخدمة من خلال 4 أشكال:
1. انتقال الخدمة عبر الحدود، توريد الخدمة من إقليم دولة إلى إقليم دولة أخرى دون انتقال مورد أو مستهلك الخدمة Mode 1(Cross Border Supply).
2. استهلاك الخدمة في الخارج، توريد الخدمة من خلال انتقال مستهلك الخدمة من إقليم دولة ما للحصول على هذه الخدمة في إقليم دولة أخرى Mode 2 (Consumption Abroad).
3. التواجد التجاري، انتقال مورد الخدمة الأجنبي من دولة ما للتواجد داخل أراضي دولة أخرى لتوريد الخدمة Mode 3 (Commercial Presence).
4. انتقال الأشخاص الطبيعيين من دولة ما لتوريد الخدمة داخل دولة أخرى Mode 4 (Presence of Natural Persons).
- وقد حددت سكرتارية مجلس التجارة في الخدمات بمنظمة التجارة العالمية 12 قطاع خدمي رئيسي ينبثق عنها قطاعات فرعية أخرى:
الأحكام والمبادئ العامة:
- ويقصد به قيام كل دولة عضو بمنح الخدمات وموردي الخدمات من أي دولة عضو أخرى فوراً ودون شروط معاملة لا تقل رعاية عن تلك التي تمنحها للخدمات وموردي الخدمات من أي دولة أخرى.
- ويجوز إعفاء أي دولة عضو من هذا الالتزام ومنح استثناءات من مبدأ الدولة الأولى بالرعاية وفقاً للملحق الخاص بهذا الشأن، والذي يشترط الآتي:
- ويقصد به قيام كل دولة عضو فوراً بنشر كافة الإجراءات والقوانين واللوائح - فور دخولها حيز التنفيذ- والتي تؤثر على أو تتعلق بتنفيذ هذا الاتفاق، وإذا تعذر النشر يمكن إتاحة هذه المعلومات بأي طريقة أخرى.
- ويجب على كل دولة عضو الاستجابة فوراً لطلب أي عضو آخر للحصول على معلومات محددة بشأن أي من إجراءاته أو قوانينه، كما يجب إنشاء نقطة اتصال خلال عامين من بدء سريان الاتفاق لتسهيل توفير معلومات محددة إلى الأعضاء الآخرين بناء على طلبهم.
الالتزامات المحددة:
- تلتزم الدول الأعضاء بتقديم "جدول الالتزامات المحددة" والذي يتضمن القطاعات التي ترغب الدولة في تقديم التزامات تحرير بشأنها وذلك من خلال منح فرص النفاذ إلى الأسواق وتوفير المعاملة الوطنية ويترك للدولة حرية اختيار القطاعات التي ترغب في تحريرها وتحديد القواعد التي تحكم نفاذ المورد الأجنبي لأسواقها وتمتعه بالمعاملة الوطنية.
- ويتضمن الجدول نوعين من الالتزامات:
- ويقصد به الشروط التي يسمح على أساسها لمورد الخدمة الأجنبي بتوريد الخدمة داخل أسواق دولة أخرى، وقيام الدولة بتقديم التزام معين لا يعني بالضرورة التحرير الكامل للقطاع الخدمي أو أشكال توريد الخدمة في هذا القطاع، ويمكن ترجمة ذلك عملياً من خلال الاحتفاظ ببعض القيود أو التحفظات على مبدأ النفاذ إلى الأسواق، حيث حدد الاتفاق 6 أنواع من القيود التي يمكن الاحتفاظ بها تحت بند النفاذ إلى الأسواق والتي قد تتخذ إحدى الصور التالية:
- ويقصد بها عدم التمييز في المعاملة بين الخدمة وموردي الخدمة الوطنيين والخدمة وموردي الخدمة الأجانب، وهو ما يضمن أن المورد الأجنبي يحصل على نفس المعاملة التي يحصل عليها المورد المحلي، وكما هو الحال بالنسبة للنفاذ إلى الأسواق قد تحتفظ الدولة تحت بند المعاملة الوطنية ببعض القيود للتمييز بين موردي الخدمة المحليين والأجانب، وقد تتخذ هذه القيود إحدى الصور التالية:
- وفي الحالات التي تبتعد فيها الدولة عن الاحتفاظ بأي من القيود السابق الإشارة إليها قد يدرج بالجدول تحت بند النفاذ إلى الأسواق و/أو المعاملة الوطنية أنـه لا تـوجد قيود “None"، وقد ترغب الدولة في عدم تقديم التزام لتوريد الخدمة من خلال شكل معين من أشكال التوريد ويدرج بالجدول أنه لا يوجد التزام بالتحرير “Unbound"، وفي بعض الأحوال قد يدرج أمام أحد أشكال توريد الخدمة “Unbound* " وهو ما يعني عدم إمكانية تقديم الخدمة لأسباب فنية.
- وبالإضافة إلى البندين الخاصين بالنفاذ إلى الأسواق والمعاملة الوطنية توجد خانة أخرى بجدول الالتزامات المحددة تسمى الالتزامات الإضافية Additional Commitments وهي تشمل الإجراءات التي لا تخضع للنفاذ إلى الأسواق أو المعاملة الوطنية، فمثلاً قد ترغب الدولة في الإشارة إلى قرب صدور قانون جديد لتنظيم مزاولة مهنة معينة أو شروط الحصول على الترخيص.
- وتتسم الالتزامات المحددة بعدم الجمود وهناك إمكانية لإعادة التفاوض بشأن أي من الالتزامات المحددة إذا احتاج الأمر، مع تعويض الشركاء التجاريين في حالة حدوث ضرر نتيجة سحب أو تعديل التزام بالجدول، وقد يكون التعويض من خلال منح فرص للنفاذ إلى الأسواق أو تحرير قطاع آخر ذو أهمية تصديرية للدول المتضررة، كما يسمح الاتفاق للأعضاء بالتخلي عن التزاماتها لأسباب تتعلق بالصحة العامة أو أسباب تتعلق بالسياسة العامة والأمن القومي أو أن تفرض قيوداً لحماية ميزان المدفوعات.
التحرير التدريجي للتجارة في الخدمات:
- تلتزم الدول الأعضاء وفقاً للمادة 19 من الاتفاق بالدخول في جولات متتالية من المفاوضات بهدف التحرير التدريجي للتجارة في الخدمات على أن تبدأ المفاوضات بعد 5 سنوات من دخول اتفاق منظمة التجارة العالمية حيز التنفيذ.
- ويجب أن تهدف المفاوضات إلى تخفيض أو إلغاء الآثار السلبية على التجارة في الخدمات كوسيلة لتحسين فرص النفاذ إلى الأسواق، مع الأخذ في الاعتبار دعم مصالح كافة الدول الأعضاء والاحتفاظ بالتوازن في الحقوق والالتزامات لكافة الدول الأعضاء.
- يجب أن تتم عملية التحرير بما يخدم أهداف السياسة الوطنية ومستوى التنمية لكل دولة من الدول الأعضاء، كما يتيح الاتفاق مرونة كافية للدول النامية للمشاركة بفعالية في هذه المفاوضات، وذلك من خلال:
- وبالإضافة إلى المفاوضات بشأن الالتزامات المحددة، هناك بعض الموضوعات التي لم تستكمل أثناء جولة أورجواي واتفق الأعضاء على التفاوض بشأنها فيما بعد، وهي قواعد اتفاق الخدمات (آلية الوقاية الطارئة والدعم والمشتريات الحكومية).